Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

mercredi 18 mai 2011

نادين لبكي تدافع عن السينما العربية في "كان


بين الدموع والابتسامات، تجري أحداث فيلم نادين لبكي "وهلأ لوين" (والآن إلى أين؟). إنه التمثيل العربي الكبير داخل "مهرجان كان السينمائي الدولي" بالإضافة إلى المغربية ليلى الكيلاني التي تعرض فيلمها "على الحافة" ضمن تظاهرة "أسبوعي المخرجين". بينما يشارك فيلم نادين ضمن تظاهرة "نظرة ما" وهي المسابقة الثانية التي تلي في الأهمية المسابقة الرسمية.

وهذه هي المرة الثانية التي تنضم فيها لبكي إلى "كان" بعد مشاركتها منذ ثلاث سنوات بباكورتها "سكر بنات" التي مثّلت السينما العربية أيضاً ضمن مسابقة "أسبوعي المخرجين".

في "وهلأ وين"، تتصدى لبكي لأكبر مأزق يعاني منه عدد كبير من البلاد العربية رغم أنّ الأحداث تجري في قرية صغيرة في لبنان. إنّ المأزق الذي يدمّر أي وطن من الداخل هو الطائفية. وبالتأكيد، عانى لبنان إحدى أكثر الحروب الطائفية شراسةً. وإذا كانت الحرب قد توقفت، إلا أنّ الجراح لم تندمل بعد، والطائفية ما زالت للأسف كامنة تحت الرماد.

لذا، قرّرت نادين خوض المعركة السينمائية بسلاح السخرية وبالدموع أيضاً. هكذا، تنتقل في لحظة من مشهد ضاحك إلى مشهد يأخذنا إلى فيض من الدموع!

في هذه البلدة التي تشبه العديد من بلادنا العربية، نرى الجامع يقابل الكنيسة. < أهالي القرية تجمعهم حياة مشتركة، بل إن هناك أيضاً قصة حب تجمع بطلة الفيلم التي أدت دورها نادين وجارها المسلم. المجتمع لا يرحّب بالزواج المختلط. وتشاء المصادفات أن تحلّ على القرية فرقة روسية نسائية راقصة بعدما تعطّل الباص الذي كان يقلّها إلى إحدى المدن. القرية كلها تتعاون من أجل استضافة الفرقة، وهو ملمح درامي قدمته نادين للتأكيد على مدى كرم أهالي هذه القرية مع الغرباء، فكيف يصبحون بهذه القسوة مع جيرانهم لمجرد الاختلاف في الديانة، ويتناسون كل ما هو مشترك بينهم من صداقة ومشاعر؟!

الطائفية تعني حالة من الانفلات تبدأ كشرارة صغيرة حتى لو كانت مجرد سوء فهم أو شائعة مثلما حدث في بداية الفيلم عندما دخلت إلى الجامع مجموعة من الحيوانات الأليفة لأنّ الباب مفتوح، واعتقد المسلمون في القرية أنّ الأمر مكيدة دبّرها المسيحيون، فاعتدوا على الكنيسة. ويحاول رجلا الدين المسلم والمسيحي التهدئة. لكنّ نيران الطائفية تستعر مجدداً. كعادة نادين لبكي، تمنح المرأة دور البطولة، في وقت لم يفلح رجال القرية ولا رجال الدين في إغلاق هذا الملف الطائفي المقيت. لكن النساء نجحن بعدما قررن نزع الأسلحة من كل رجال القرية.

وكانت أم مسيحية في مشهد سابق قد أطلقت الرصاص على قدم ابنها لتمنعه من إطلاق الرصاص على المسلمين ومن المصير الذي لقيه ابنها الأول وهو الموت. تتوصّل النساء إلى حل خيالي لداء الطائفية وهو أن تتحول كل امرأة إلى الدين الآخر، أي أنّ المسلمة تضع الصليب والمسيحية ترتدي الحجاب، وتمارس كل واحدة طقوس الديانة الجديدة أمام زوجها وأبنائها داخل المنزل.

طبعاً، ما تسعى المخرجة إلى إيصاله للجمهور هنا ليس أن يغير الإنسان دينه الذي ولد مؤمناً به، لكن أن يتقبّل مبدأ أنّ الأديان واحدة عند الله والفارق يكمن في الطقوس، وممارسة الشعائر الدينية لا يعني التناحر والاقتتال. الكل يتوحد. لا تعرف مَن المسلم، ومن المسيحي، حتى المقابر ستحوي ملامح هذا الاختلاط. وتنتهي الأحداث بأغنية مليئة بالبهجة وحب الحياة. نعم الحل الذي لجأت إليه نادين عبثي، هي التي شاركت في كتابة الفيلم. لكن القضية الطائفية أيضاً عبثية. ولهذا نشاهد رجلي الدين المسلم والمسيحي في نهاية الأحداث يركبان عربة الفرقة التي تحمل الراقصين الرقصات في طريقهما للاستمتاع بالرقص!

استعانت نادين بعدد من أهل القرية اللبنانية الذين اصطحبتهم معها إلى "كان" وهم يقفون لأول مرة أمام الكاميرا، فكانت الطبيعة والتلقائية السمة المسيطرة على أداء الممثلين الهواة. وحتى تضبط المخرجة الإيقاع، كان أيضاً الممثلون المحترفون على نفس الدرجة من العفوية. تميزت موسيقى وألحان خالد موزنار، فكانت قادرة على منحنا مساحة من الشجن في لحظات الحزن، وفيضاً من البهجة في لحظات المرح. ما أشد حاجتنا كعرب إلى أن نرى هذا الفيلم الذي يتصدى للطائفية من خلال النساء. ويبدو أنّ النساء هن أيضاً القادرات على رفع اسم السينما العربية في "كان". وهذا ما نجحت في تحقيقه للمرة الثانية نادين لبكي!


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Blogger Templates | تعريب وتطوير : قوالب بلوجر معربة